بقلم : أيور الورايني
-غموض المرجعية .
على نهج دستور 2011م الذي رصد فيه العديد من المتابعين للشأن الدستوري والسياسي تناقضات جوهرية في فصوله ومنها اعتبار المغرب دولة إسلامية من جهة والتنصيص على سمو المواثيق الدولية على الوطنية من جهة أخرى، ومن فصل ينص على فصل السلط وتوازنها إلى فصول تجمعها ولو جزئيا في يد المؤسسة الملكية عبر تدخلات في التعيينات و احتكار الملفات الحساسة والأمثلة كثيرة وتضرب في ديمقراطية الوثيقة الدستورية، يسير مشروع القانون الجنائي الجديد مكرسا بذلك ما يذهب إليه الكثير من المراقبين من كون الدولة الحديثة بالمغرب لها وجهان الأول حادثي يحاول المخزن تسويقه داخليا وخارجيا على الخصوص والأخر محافظ بأساليب عتيقة، وهو وضع ينعكس على مستوى الدستور والقوانين.إن عدم الحسم في تبني مشروع مجتمعي متجانس ومقبول في القرن الواحد والعشرين والسير عليه و كذلك الحسم في شكل وقيم المجتمع المراد الوصول إليه هو ما يجعل هذه التناقضات موجودة وستظل ما دام الوضع غير واضح في المرجعية وعليه لابد من الإجابة أولا على السؤال التالي:هل نريد دولة دينية تطبق الشريعة كما يفهمها شيوخ السلفية وفقهاء الإسلام السياسي أم دولة مدنية علمانية تحفظ حقوق الجميع بدون استثناء ؟.إن سياسة مسك العصي من الوسط وإن كانت ناجحة في المدى المنظور في استيعاب مختلف التيارات السياسية إلا أنها تجعلنا ندور في حلقة مفرغة.فقانون مثل القانون الجنائي لا يجب أن يكون رهبن تجاذبات سياسية وإيديولوجية ضيقة تسيسه ليصبح قانونا مسيسا يغلب عليه التوجه السياسي والإيديولوجي لطرف معين خاصة في قضايا شائكة كالحريات وحقوق الإنسان.وباعتباره قانونا يهم و يمس المجتمع بأكمله لا يحق لأحد أن يمارس وصايته على الآخرين ويقرر في محلهم بما فيه التحالف الحكومي الحالي الذي لا يتعدى عدد المصوتين عليها المليوني صوت بأحزابها الأربع وبالمقابل يجب أن تكون الكلمة العليا للخبراء في العلوم القانونية والإنسانية فالقانون الجنائي ليس دوره فقط تنظيم المجتمع وإخضاعه لبنوده وإنما أيضا قيادة المجتمع نحو قيم وسلوكات نبيلة وضع امن ومزدهر.