بقلم : هشام التيجاني
قال
الله تعال "كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ "[1] السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لم يقل كل حزب
بما لديهم مؤمنون أو مقتنعون هده الاحتمالات
خاطئة لان لغة القران دقيقة جدا لان الناس ليسوا بما هم عليه مؤمنون و لا مقتنعون ولا مصدقون . الناس فرحون بما هم عليه أي ان هدا عنصر
انفعالي[2]
ليس إدراكي[3]
و القرءان الكريم لم يستخدم التعبيرات الإدراكية استخدم تعبيرات انفعالية عاطفية
" حبب اليكم الإيمان "
هنا
يطرح السؤال أين العقل الذي باسمه آمن من آمن وكفر من كفر أين حظه من الفعل و التأثير
؟
الأنماط هي
التي تفعل . السبب في قوله عز وجل كل حزب بما لديهم فرحون لان إيمانهم غير مبني على قناعات بل مبني على انفعالات يتم تبني الرأي و الموقف
انفعاليا لا إدراكيا و يتم الدفاع عنه وتبريره –الإيمان – انفعاليا لا إدراكيا
وهدا واضح في آية أخرى قال الله تعالى" وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُم مِّن دُونِ
ٱللَّهِ أَوْثَٰنًۭا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ ثُمَّ
يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍۢ"[4] لكي يسعد بعدكم بعضا وهده الآية تؤكد على أن
هناك تحزب في قضايا العقيدة والدين ومصير الإنسان كل هدا من اجل – مودة بينكم – .
(وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُم مِّن دُونِ
ٱللَّهِ أَوْثَٰنًۭا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ ثُمَّ
يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍۢ) وجب علينا ان نقف عند هده الاية و بالضبط
" يكفر بعضكم ببعض أي أنهم كانوا في الدينا يؤمن بعضهم ببعض يعني إنهم لم يؤمنوا بأوثان أو عيسى أو
موسى أو محمد (ص) أو زراديشت ولا بأي اله . هم آمنو بالمجتمع والنمط أي قدسوا
العقل الجمعي[5] –اليد الخفية التي يخلفها المجتمع لتحكم المجتمع - .
أكتر
المؤمنون لا يؤمنون بموضوع إيمانهم الذي افهموا انهم يؤمنون به ، هم يؤمنون وفق
النسق و النمط الذي يخلقه المجتمع و إن كان هدا الإيمان بشيء غير واضح و لا
يستطيعون الخروج عنه . لكن ادا
قام المجتمع بتغير معتقد سيغيرون إيمانهم سيجدون لهد
التغير مسوغات وتبريرات وهدا ما يجعل الإنسان ضحية للمحاكاة و التقليد الأعمى و
التعاطف الغبي مع الشيخ أو الطائفة .
لتفادي هده المعضلة و للتحرر من سلطة العقل
الجمعي ومن سلطة الخطاب المشائخي العاطفي وجب على كل واحد منا البحث على الحقائق
حول الأدلة وهدا لن يكون إلا بتجاوز فكرة المذاهب ( سني ،شيعي ، معتزلي ... )وتفادي
الآراء المسبقة حول الأشياء لأنه غالبا ما تكون الآراء المسبقة تشكل عائقا ابستيمولوجيا
والبديل هو طلب الحق عن طريق النظر لتكون
صاحب مذهب وان لا تكون في سورة أعمى تقلد قائدا يرشدك إلى الطريق و حولك ألف مثل
قائدك يقولون أنه قد اهلكك وأظلك عن الطريق وستعلم في عاقبة أمرك ظلم قائدك فلا خلاص الا بالاستقلال و
لو لم يكن في مجال هده الكلمات لا للمذاهب و التمرد على العقل الجمعي إلا ما يشكك
في اعتقادك – الموروثات – لتندب به للطلب هدا أعظم نفع . لان كما قال ابن خلدون "
اتباع التقاليد لا يعني ان الأموات أحياء بل الأحياء أموات" اذ الشكوك هي
الموصلة إلى الحق فمن لم يشك لم ينظر ومن لم ينظر لم يبصر ومن لم يبصر بقي في
العمى والضلال لان بداية الهداية الشك.
هدا الانسحاب و التمرد من المجتمع على كل ما هو قديم قام به كل المصلحين والعظماء
في تاريخ البشرية و هده الظاهرة لفتت انتبه المؤرخ الكبير آرلوند توينبي و سماها
ظاهرة - العزلة والعودة – فعلها " محمد، موسى عيسى، بودا، إبراهيم، كونفوشيوس،
" انسحبوا و عادوا لكن المثير للجدل أنهم لم يعودوا بنفس النمط –معتقدات مجتمعاتهم
- بل عادوا بما يكسر النمط بشيء جديد مساهمين في خلق نمط جديد . وهدا هو الحل في
نظري لتفادي سلطة المجتمع و سلطة المؤسسات الدينية و كهنة النصوص الدين غالبا ما يكونون واضعين للجهل المؤسساتي
.