يعتبر شعار العروبة من أبرز الشعارات الكبيرة جدا التي رفعت بشكل قوي مند زمان ميشيل عفلق و جمال عبد الناصر و حافظ الأسد، باسم هذا الشعار دخل المغرب حروب بعيدة عنه جغرافيا و تاريخيا، لكنه التزم بهذا الشعار شعبا و ملكا قلبا وقالبا. و كان اخر هذه الحروب هو انضمام المغرب في سمية بعاصفة الحزم ضد الحوثيين باليمن بقيادة آل سعود، وكما هو معروف هذه الحرب لم تكن من أجل انقاذ اليمن من مخالب إيران بل هي قراءة استباقية من آل سعود للخطر الذي يحيط بهم، و علمهم علم اليقين أن إيران بمقدورها إسقاط عرشهم في رمشة عين، ناهيك عن العلاقات الدينية و السياسية القديمة، هذا كله ما يجعلنا نركز على السعودية دون غيرها من الدول فيما سيأتي الحديث عنه.
و اليوم في سلوك ديبلوماسي صغير "مروكو2018 " لا يتعلق الأمر بسياسة و لا بصفقة اقتصادية، تخلت السعودية عن المغرب و قالت له حتى في هذا الحدث الرياضي فأنت لا قيمة لك عندما يتعلق الأمر بالنبي الأخير ترامب، لم يقف الأمر عند حدود هذه الخيانة، بل انفجر أغلبية الشعب و المسؤولين في السعودية في مواقع التواصل الاجتماعي بالشتم و السب على المغاربة بعبارات أقل ما يقال عنها أنها جارحة للمغاربة، من قبيل "البربر" "بقايا الاستعمار" "بلاد العاهرات" "بلاد تحتاج لعقبة بن نافع جديد" "عبد الروم"... لم ينتبه هؤلاء أنهم لا يوجهون الكلام لما نسميه اليوم بالمغرب، بل أغلب العبارات كانت تمس ما كان يسمى بالمغرب الكبير –تونس الجزائر المغرب ليبيا- ... و كأن السعودي لا يزال ينظر لشمال إفريقيا و كأنها جزء منفصل عنه و يظهر حقيقة نظرتهم أن شمال إفريقيا كانت مستعمر لأجدادهم قبل الاستعمار الأوروبي.
كانت ردود الفعل قاسية من طرف المغاربة من ليبيا إلى المغرب، لا لأن سعودية خائنة لأنه في نهاية المطاف سيتم تبرير هذه الخيانة بالعبودية التي يمر منها آل سعود تحت أقدام نبيهم الأخير. ولكن المغاربة صدموا جراء تلك النظرة المبطنة للسعوديين تجاه المغاربة، لأن شمال إفريقيا بتاريخها و فكرها و قوتها العسكرية كانت مخدوعة في شعار "الأخوة" و "العروبة" و لم تنتظر يوما من السعودية هذه المواقف –شعبا و سلطة"، إلى أن هذه الصدمة لها إيجابيات سياسية و ثقافية:
الايجابيات السياسية:
- تقوية العلاقة بين الشعب الجزائري و المغربي، والتخفيف من حدة الصراع السياسي الذي كان يؤثر بشكل كبير على علاقة الجاريين.
- استيقاظ المغاربة أن العلاقات الدولية اليوم لا تؤطرها لا لغة لا دين لا تاريخ.
الايجابيات الثقافية:
- تخلص المغاربة من وهم العروبة و الأخوة المزعومة .
- إعادة قراءة تاريخ شمال إفريقيا و تخليصه من أوهام و أساطير كثيرة جدا اعتدنا تشربها في كتب التاريخ الرسمي و القنوات الدعوية الوهابية .... ويجب الوقوف أساسا عند تلك الثورات التي كانت تقوم بها قبائل أمازيغية على الدول التي تعاقبت على تاريخ المنطقة، لأن الوقوف عندها و عند أسبابها يعطينا صورة حقيقة نحن مع من؟
-الانتصار للخصوصية المغربية بكل تنوعاتها و اختلافات مكوناتها...فتاريخ المغرب الكبير هو تاريخ التعدد و التنوع و الاختلاف في اللغة و اللهجة و الدين و الثقافة .
- المغاربة لهم مدارسهم الفكرية و الدينية التي تغنيهم عن سموم الفكر الوهابي الذي لم يعد فكرا بل أصبح قناع إيديولوجي لتبرر فساد و استبداد آل سعود من جهة و تعبئة أبناء المسلمين للتجارة بموتهم من جهة أخرى.... الشيء الذي لم يعرف قط في الفكر المغاربي من الشاطبي و ابن رشد إلى الطاهر بن عاشو و مالك بن نبي....
- نتكلم العربية لا يعني أننا عرب ........ نحن مغاربة بتعدد لغاتنا و لهجاتنا .
خلاصة القول، على الإنسان المغربي -مرأة و رجل- أن يعي بضرورة إقامة قطيعة سيكولوجية و فكرية و عاطفية تجاه الشعارات الرنانة مثل العروبة و الأخوة ووو ....و أن يخرج من الاستلاب الذي عاشه لمدة من طرف التيارات القومية و شيوخ النفط.
