• اخر الاخبار

    Friday 11 September 2015

    العقل الأمازيغي و التاريخ

    العقل الأمازيغي و التاريخ

       بقلم شهام التجاني

         إن الدراسات التاريخية المعاصرة التي تهتم بالتاريخ الأمزيغي خصوصا , هدفها في غالب الأحيان هو العزف على أوتار المخيال الاجتماعي1 لدى الأمزيغ , عبر استعادة شخصيات عظيمة و طرحها في الحاضر وتقديمها كهويات بديلة , هده الطريقة في تشكيل الوعي التاريخي لدى الفرد غير ناجحة ولا تساعد على التفاعل الفعال مع الواقع المباشر . لم يكن يوما ما استحضار الماضي و الارتباط و الارتهان به إلى درجة فقدان الذات لاعتبارها و قيمتها في الحاضر حل لإشكاليات الحاضر . و خير مثال على فشل مثل هذا المنهج العاطفي في تعاطي مع المعطيات التاريخية , إخوانكم العرب لم ينفعهم افتخارهم بماضيهم المليء بالمنجزات الفكرية و السياسية و الاقتصادية و اللغة و التعدد في أنماط التدين التي كانت عندهم في شيء , حينما انهزموا أمام الإمبراطورية الإسرائية العظمى –النكبة و النكسة- . إن أبنائكم –باعتباركم أمزيغ- لن يسألوكم عن الشخصيات التاريخية الأمزيغية محند احمو , عسو باسلام , عبد الكريم الخطابي ......-, بل سيسألونكم عن ماذا قدم العقل الأمزيغي عبر مسيرته التاريخية الطويلة , عن المنجزات الاقتصادية و السياسية و الفكرية و الحضارية . إن تمجيد التاريخ و التراث و الثقافة و الهوية ما هي إلى أوهام و دغمائية تشكلت في عقلية الأمزيغي بفعل ارتهانه بالقراءة و التأليف عن مثل هده الشخصيات , هدا هو السراب بعينه , دلك أن ما يعانيه الأمزيغ من تخلف فكري مراده الى الغرور بدلك السراب و عدم رؤية الانفصام الواقعي, فيبقى العقل الأمزيغي قطعا مفصولا عن الواقعه , و مختلفا عنه بسبب اعتبار الوفاء للأصل و الموروث و الأجداد مع أنه أصبح حسا رومانسيا مند أزمان متباعدة . إن منطق العصر تجاوز فكرة قاومنا الاستعمار و أننا نتقن نثر إزلان و الضرب على البندير , إن عصرنا هذا يطرح إشكاليات و تساؤلات عن المنجزات الاقتصادية و السياسية باعتبار هده الأخيرة هي البنية التحتية التي تأثر تأثير مباشر في تشكل البنية الفوقية –الفكر و الثقافة و الهوية و أنماط التدين- هدا ما يرفضه و يعجز العقل الأمزيغي على ستوعابه و الوصول إليه . إن القراءة العاطفية للمعطيات التاريخية التي يقوم بها المؤرخ الأمزيغي هي التي شكلت في نظري عائقا إبستيميا و عمليا للأطر التي تدعي لنفسها النضال من أجل ما تسميه هي "القضية الأمزيغية" .نعم المؤرخ الأمزيغي يتحمل مسؤولية كبيرة في العملية النهضوية التي ينشدها الأمزيغ. إلا إن هدا المؤرخ – خاصة المؤرخ المعاصر- لا يزال مقيد بتاريخه, بمعنى أن تاريخه يحتويه احتواء يفقده استقلاليته و حريته لقد تلقى و لازال يتلق هذا المؤرخ تاريخه مند ميلاده ككلمات و مفاهيم , كلغة ,كحكايات , كأسلوب في التفكير .كل هدا بعيدا كل البعد عن الحس النقدي, فهو عندما يفكر بواسطته و من خلاله, فيستمد منه رؤاه و استشرافاته مما يجعل التفكير هنا عبارة عن تذكر, و لدلك فعندما يقرأ المؤرخ الأمزيغي نصا من نصوص تاريخه يقرأها متذكرا لا مستكشفا و لا مستفهما . لا أحد ينكر أن كل الشعوب تفكر بتاريخها , و لكن فرق شاسع بين من يفكر بتاريخ ممتد إلى الحاضر و يشكل الحاضر جزءا منه , تاريخ يخضع باستمرار للمراجعة و النقد , و بين من يفكر بتاريخ توقف عن النمو مند سنين , تاريخ تفصله عن الواقع ألف السنين الضوئية . يجب على الأمزيغي أن يعي انه انفصل عن الماضي زمنيا و أن يعي أهمية و قيمته في الحاضر لكي يكون  قادرا على إحداث و إنتاج الجديد , هدا هو ما سيجعل الأمزيغي قادرا على رفع التهميش عنه, لا الدخول في الصراعات مع أعداء الماضي موهما نفسه أنه بهده الطريقة سيسترجع الهوية والأرض المفتقدتين كما يزعم. مثل هده السلوكيات لا تساهم إلا في خلق عقليات أرثوذوكسية بربرية لا تنتعش إلا من الجهل و العنف . تعيق بدلك مسيرة التغيير و التطور و من ثم التقدم التي ينشدها كل الأمزيغ . لا يسعني في الأخير إلا أن أقول بأن الواقع أولا الواقع ثانيا , فكل تغيير صاعد من الواقع و عائد لتأثير في الواقع , و لا شيء وراء دلك الواقع , و التفاعل معه ضرورة اجتماعية وحضارية , عبر إنتاج نسق فكري عقلاني يراجع به الأمزيغي تاريخه و يحلل به واقعه ويستشرف به مستقبله . على شرط أن يكون هدا النسق يدعي لنفسه العمق النظري و الأفق الإنساني و خدمة المجتمع , بعيدا كل البعد عن الخطابات العاطفية الواهية و التباكي على الماضي هدا ما سيجعل الجميع ينسى أن رياح العولمة الكاسحة ستغرقنا و تتركنا خلفها ما لم يتسلح الأمزيغي بالمعرفة و الوعي.


     1 المخيال الإجتماعي مصطلح من علم الإجتماع المعاصر , و إدا أردنا الإقتراف من فهم هدا المصطلح قلنا إن الخيال الاجتماعي الأمزيغي هو الصرح الخيالي المليء برأس مالهم من مآثر و البطولات و أنواع المعاناة, الصرح الدي يسكنه عدد كبير من رموز الماضي ' أكسيل , تيهيا , الخطابي , حمو زياني .......'
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: العقل الأمازيغي و التاريخ Rating: 5 Reviewed By: Unknown

    comments-التعليقات

    Scroll to Top